رؤية سعيد يقطين السّرديّة – د. جميلة حسين صالح الموسوي

مقدّمة:

تقوم الرّواية على أساس التّناوب بين وقائع الحاضر، وذكريات الماضي، في حركة ذهاب وإياب على محوريّ الزّمان المعروفين.

فإذا كان زمن الأحداث قابعًا في ماضيه غير قادرٍ على التّواصل مع الحاضر المكتوب من أجله، تحوّلت الرّواية إلى ذكر أخبارٍ من الماضي ولم يعد لها قوّة التّأثير في الحاضر، وانتفت قيمة توظيف التّاريخ، لأنّ ثمّة اختلافًا سيعيشُهُ القارئ، أيًّا كان زمن القراءة يمنعه من التّواصل، والمطلوب من الرّواية بوصفها فعلاً تواصليًّا، تحقيق الإحساس بالإنسجام؛ لأنّ الرّوائيّ يستطيع أن يمنح راويه أو رواته حرّية الحكي، لكنّه لا يمنحهم القدرة على خلق الشّخصيّات، لأنّ عمليّة الخلق هنا ستكون مجزوءة. وتحقيق الإنسجام إنّما يجري عن طريق المشابهة لتؤدّي رسالة إبداعيّة ذات دلالات. ويؤدّي ذلك كلّه إلى خلق بطل أو مجموعة أبطال يستندون في وجودهم النصّيّ الجديد على كونهم صداميّين مُتعارضين متحرِّرين من سلطاتٍ قادرة، وإشكاليّين، لا يكون تعارضهم سطحيًّا، بل هو التّعارض العميق مع العالم([1]).

وكما يرى الدّكتور محمود ذهني فإنّ الفنّ القصصيّ والرّوائيّ في الأدب العربيّ ليس حديثًا، أو منقولاً عن الأدب الغربيّ نقل ترجمة واحتذاء، إنّما هو فنّ موجود قبل الشّعر، ومرتبط بوجود الشّعب([2]). لأنّ الرّواية هي أكثر الأجناس الأدبيّة قدرة على التّعبير عن هموم الإنسان العربيّ وطموحاته وآماله. وإذا كان موضوع الأدب هو الطّبيعة والإنسان، فإنّ موضوع النّقد الأدبيّ هو الأدب نفسه، يقصد إليه النّقد شارحًا، محلّلاً، حاكماً، مساعدًا القرّاء على الفهم والتّقدير، حيث يرى رولان بارت أنّ عمل النّاقد يتّسم بعدّة خصائص مُعيّنة، أهمّها تعقيل الأثر الأدبيّ، أي النّظر إليه وإلى عناصره على ضوء مجموعة من المبادئ المنطقيّة([3]).

وكون “سعيد يقطين” من أعلام الرّواية والنّقد الأدبيّ العربيّ ومؤلّفاته النّقديّة الأدبيّة تُعبّر عن سعة معارفه، وعمق ثقافته الأدبيّة ومدى انعكاسها على النّتاج السّرديّ الرّوائيّ، والّذي يُعبّر عن نضج الرّؤية وغنى التّجربة لديه والّتي وسمت شخصيّته شهرةً ذاع صيتها في منطقة المغرب العربيّ وشرقها.

التّعريف بسعيد يقطين:

  • سعيد يقطين، كاتب روائيّ وناقد عربيّ مغربيّ، من مواليد الدّار البيضاء/المغرب في 8/5/1955م.
  • دكتوراه دولة في الآداب من جامعة محمّد الخامس/ الرّباط/المغرب.
  • أستاذ التّعليم العالي بكلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالرّباط.
  • رئيس قسم اللّغة العربيّة وآدابها بكلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالرّباط (من 1997 إلى 2004).
  • عضو اللّجنة العلميّة (كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالرّباط).
  • مُنسّق مجموعة البحث في “التّراث السّرديّ الأندلسيّة – المغربيّة – المتوسّطيّة” داخل كلّيّّة الآداب في الرّباط.
  • مُنسّق الدّكتوراه في الأدب “آداب وفنون متوسّطيّة” داخل كلّيّة الآداب في الرّباط.
  • أستاذ زائر في جامعة جان مولان، ليون 3، كلّيّة اللّغات، فرنسا، خلال الموسمين الجامعيّين: 2002/2003 و2003/2004م.
  • أستاذ زائر في كليّة الآداب، جامعة القيروان، مارس 2007م.
  • أستاذ زائر في كلّيّة اللّغة العربيّة، قسم الأدب، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة، الرّياض – المملكة العربيّة السعوديّة، الفصل الثّاني، 2010-2011-2012م.
  • أستاذ زائر في جامعة السّلطان قابوس، مسقط – عُمان، الفصل الثّاني 2013م.
  • أستاذ زائر في جامعة نواكشوط، موريتانيا، يناير 2004م.

مهام ثقافيّة:

  • عضو المكتب المركزيّ لاتّحاد كُتّاب المغرب (ثلاث دورات).
  • الكاتب العام لـ”رابطة أدباء المغرب”.
  • الكاتب العام لـ”المركز الجامعيّ للأبحاث السّرديّة”.
  • عضو في الهيئة الاستشاريّة أو العلميّة في مجلاّت بالمغرب والجزائر وتونس والبحرين والكويت والأردن.
  • عضو إتّحاد كُتّاب الإنترنت العرب.

جوائز:

  • جائزة المغرب الكبرى للكتاب 1987 و1989م.
  • جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبّان، (الأردن)، عام 1992م.
  • جائزة إتّحاد كتّاب الإنترنت العرب 2008م.
  • تكريم على هامش المؤتمر الدولي “عتبات النّصّ” الّذي أُقيم في القيروان (تونس)، آذار 2007م.
  • تكريم في مهرجان عبد السّلام العجيلي الثّالث للرّواية العربيّة، الرقّة – سوريا، نوفمبر 2007م.
  • تكريم شفشاون، مندوبيّة وزارة الثّقافة المغربيّة، بشفشاون، 2008م، وصدرت أعمال التّكريم مع دراسات أخرى في كتاب: “السّرد والسّرديّات في أعمال سعيد يقطين”، إعداد شرف الدّين ماجدولين، عن دار ضفاف والأمان، بيروت – الرّباط، 2013م.
  • حفل تكريم في إثينيّة عبد المقصود محمد سعيد خوجة، جدّة، المملكة العربيّة السّعوديّة، 2-5-2013م.
  • ندوة تكريميّة تحت عنوان: “سرديّات سعيد يقطين وأسئلة الأدبيّ”، تنظيم فرع اتّحاد المغرب ومديريّة وزارة الثّقافة في القنيطرة.
  • ندوة تكريميّة لسعيد يقطين “حول الهويّة والسّرد”، فرع اتّحاد كتّاب المغرب، تمارة.
  • يوم دراسيّ تكريمًا لسعيد يقطين في موضوع “المشروع النّقدي للدكتور سعيد يقطين” في تاوريرت (جنوب المغرب) في 2/6/2014م.

مهام علميّة:

  • عضو في لجان تقويم طلبات اعتماد الماستر ووحدات السّلك الثّالث والدكتوراه على الصّعيد الوطني (المغرب).
  • عضو مُحكم في جائزة المغرب للكتاب، (عدّة دورات).
  • عضو مُحكم في عدّة مجلاّت عربيّة محكّمة  ولجان جوائز عربيّة.
  • خبير في تقييم مؤلّفات أو تقارير مقدّمة لهيئات عربيّة.
  • خبير لدى مكتب اليونسكو (المغرب العربي) لإعداد خمس مكتبات عربيّة ومغاربيّة وتربويّة ونسائيّة وصوتيّة رقميّة.
  • مشارك في العديد من المؤتمرات والنّدوات الثّقافيّة على الصعيدين العربيّ والدوليّ.
  • مُشرف على سلسلة “روايات الزّمن” الّتي تصدر “منشورات الزّمن” بالرّباط، وبصدد الإعداد لسلسلة جديدة تحت عنوان “الثّقافة الشّعبيّة المغربيّة” ضمن “منشورات الزّمن” نفسها.
  • مُشرف على سلسلة “السّرد العربيّ” الّتي تصدر عن “دار رؤية للنّشر” بالقاهرة.

التخصّص العلميّ:

  • السّرديّات والسّيميائيّات – نظريّة الأدب والنّقد الأدبيّ – التّراث السّرديّ العربيّ الإسلاميّ – الثّقافة الشّعبيّة – النصّ المترابط ومستقبل الثّقافة العربيّة.

من مؤلّفاته:

  1. ذخيرة العجائب العربيّة / بيروت، المركز الثّقافيّالعربيّ، ط(1)/ 1994م.

       2. الكلام والخبر، بيروت، المركز الثّقافيّ العربيّ، ط(1)،1997م.

       3. النّصّ المترابط ومستقبل الثّقافة العربيّة، بيروت،المركز الثقافيّ العربيّ، ط(1)، 2008م.

       4. الأدب والمؤسّسة والسّلطة، بيروت، المركز الثّقافيالعربيّ، ط(1)، 2002م.

       5. السّرديّات والتّحليل السّردي، بيروت، المركز الثقافيالعربيّ، ط(1)، 2012م.

       6. إنفتاح النّصّ الرّوائيّ، بيروت، المركز الثّقافيّالغربيّ، ط(4)، 2008م.

       7. تحليل الخطاب الرّوائيّ، بيروت، المركز الثقافي العربيّ،ط(4)، 2005م.

       8. الرّواية والتّراث السّرديّ، بيروت، المركز الثّقافيّالعربيّ، ط(1)، 1992م، ط(2)، الدار البيضاء.

       9. القراءة والتّجربة: حول التّجريب في الخطاب الرّوائيّالجديد في المغرب، دار الثّقافة، الدار البيضاء، 1985، طبعة جديدة، دار رؤيةللنّشر، القاهرة، 2013م.

      10. قال الرّاوي: البنيات الحكائيّة في السّيرة الشّعبيّة،المركز الثّقافيّ العربيّ، بيروت – الدّار البيضاء، 1997م.

     11. آفاق نقد عربيّ معاصر، بالاشتراك مع فيصل درّاج، دارالفكر، دمشق، 2003م.

      12. من النّصّ إلى النّصّ المترابط: مدخل إلى جماليّاتالإبداع التّفاعليّ، المركز الثّقافيّ العربيّ، بيروت – الدار البيضاء، 2005م.

      13. مُقاربات منهجيّة للنّصّ الرّوائيّ والمسرحيّ: بالإشتراكمع حميد لحمداني ومحمّد الدّاهي، “سلسلة المختار في تحليل المؤلّفات”(الجذع المشترك)، مكتبة المدارس، الدار البيضاء، 2006م.

      14. السّرد العربيّ: مفاهيم وتجلّيات، دار رؤية، القاهرة،2006م.

      15. مُقاربات منهجيّة للنصّ السر ذاتي والنّقديّ: بالاشتراكمع محمّد الداهلي وميلود العثمانيّ، “سلسلة المختار في تحليل المؤلّفات”(السنة الثانية بكالوريا)، مكتبة المدارس، الدّار البيضاء، 2007م.

      16. بديعة وفؤاد، رواية لعفيفة كرم: إعداد وتقديم، بمناسبةمرور قرن على صدورها في نيويورك، منشورات الزّمن، الرّباط، 2007م.

      17. قضايا الرّواية العربيّة الجديدة: الوجود والحدود، داررؤية للنّشر، القاهرة، 2010م.

      18. رهانات الرّواية العربيّة: بين الإبداعيّة والعالميّة،(بالاشتراك مع محمد القاضي)، سلسلة رؤى ثقافيّة، رقم 1، النّادي الأدبيّ بالرّياض،2011م.

      19. المغرب مستقبل بلا سياسة: في الثّقافة والسّياسةوالمجتمع، منشورات الزّمن، لسلسلة شرفات، الرّباط، 2013م.

      20. الفكر الأدبيّ العربيّ، البنيات والأنساق، منشورات ضفاف،بيروت، 2014م.

      21. الديموقراطيّة في قاعة الانتظار: إكراهات التحوّلالاجتماعيّ المغربيّ، منشورات الزّمن، سلسلة شرفات، الرّباط، 2014م.

الدّراسات المنشورة ضمن كتب:

  • سؤال الأنواع السّرديّة في الرّواية المغربيّة، “الرّواية المغربيّة وقضايا النّوع السّرديّ”، منشورات جامعة ابن طُفيل، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، القنيطرة، 2009م.
  • البحث الأدبيّ في الجامعة المغربيّة: أيّة آفاق؟، “تحوّلات النّقد الأدبيّ المعاصر بالمغرب: مهداة إلى أحمد اليبوري”، تنسيق سعيد يقطين، منشورات كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالرّباط، ووزارة الثّقافة، 2009م، (ص 91-ص 113).
  • مفهوم النّصّ واستراتيجيّة القراءة عند محمد مفتاح، “التّأسيس المنهجيّ والتّأصيل المعرفي”: قراءات في أعمال الباحث والنّاقد محمّد مفتاح، المدارس، الدّار البيضاء، 2009م (ص 17- ص 32).
  • أساليب السّرد الرّوائيّ العربيّ: مقال في التّركيب، “الرّواية العربيّة: ممكنات السّرد”، المجلس الوطنيّ للثّقافة والفنون والآداب، الكويت، 2009م (ص 129- ص 151).
  • المطلع، اللّعب، الدّلالة من خلال عين الفرس والدّراويش يعودون إلى المنفى، الأدب المغربيّ اليوم قراءات مغربيّة، منشورات اتّحاد كتّاب المغرب، الرّباط، 2006 (ص 77-ص92).
  • الكيخوطي والأسطورة الشّخصيّة، دون كيخوطي: قراءات مغربيّة، منشورات كلّيّة الآداب، عين الشقّ، الدّار البيضاء، 2006 (ص 55- ص68).

الدّراسات المنشورة في مجلاّت:

  • السّرديّات والنّقد والسّرديّ، مجلّة نزوى – مسقط، العدد الثّالث والستّون، يوليو 2010.
  • التّرابط النّصّيّ والخطاب الرّوائيّ العربيّ، مجلّة العلوم الإنسانيّة، جامعة البحرين، العدد 18-19، 2010م، (م 178- ص 205).
  • جماليّة الشّكل الرّوائيّ في الجزيرة العربيّة، مجلّة علامات في النّقد، جدّة، المملكة العربيّة السعوديّة، صفر 1430هـ- فبراير 2009م، المجلّد 17، الجزء 68 (ص 453- ص 500).

السّرد العربيّ من وجهة نظر سعيد يقطين:

يعتبر سعيد يقطين السّرد العربيّ واحدًا من القضايا والظّواهر الّتي بدأت تستأثر باهتمام الباحثين والدّارسين العرب مع أنّ بعض المشاكل التي تعترض الدّرس الأدبيّ العربيّ بصفةٍ عامّة، ويُضيف أنّه سيحاول تجسيدها من خلال تناول السّرد العربيّ باعتباره من الموضوعات التي تُملي على الباحث الكثير من العمل والبحث، ذلك لأنّ سعيد يقطين يتصوّر أنّ أيَّ تفكيرٍ في جملة القضايا والمشاكل التي تعترضه إذا لم يطرح إشكالات، ولم يسعَ إلى اقتراح رؤيات وتصوّرات فلا يُمكن أن يكون إلاّ استعراضًا للمعلومات، وعرضًا لأفكار وتصوّرات جاهزة، ولهذا جعل تجسيد هذه القضايا في السّرد العربيّ من خلال طرح تقديم بعض الأسئلة، وطرح بعض الإشكالات. وقد أورد بأنّه سيتناول هذا الموضوع من خلال ثلاث تساؤلات هي:

  1. ما هو السّرد العربيّ؟
  2. لماذا نهتمّ به الآن؟
  3. كيف نتعامل معه؟

ويرمي إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، وما يُمكن أن يتولّد عنها من أسئلة فرعيّة، من خلال طرح ثلاثة إشكالات يراها تتعلّق بالحاضر وبالمستقبل بقضايا ما يُسمّه بالفكر الأدبيّ العربيّ، وما تفرض عليه من أمور لينخرط في التفكير، وفي محاولة الإجابة عن مختلف المسائل والقضايا الّتي تطرح على الدّرس الأدبيّن وعلى كلّ ما يرتبط به من قضايا ومسائل تمتدّ لتلامس الإنسان العربيّ بوجهٍ عام.

وعندما يطرح السّؤال الأوّل حول السّرد العربيّ، فإنّ أوّل ما سيتبادر إلى الأذهان هو: هل هناك سردٌ عربيّ، وآخر غير عربيّ؟ وقبل ذلك ماذا نقصد بالسّرد حتى نُضيف إليه صفة العربيّ؟ وهل، عندما نقول السّرد العربيّ الآن، يوحي هذا المفهوم بالنّسبة إلينا جميعًا بنفس الأشياء؟ أم أنّ كلّ واحد منّا يمكن أن يتصوّر من خلاله أشياء خاصّة تُخالف ما يتصوّره غيره؟ أسئلة عديدة يُمكن أن تتناسل من السّؤال الأوّل، وعلينا أن نتتبعها، ونعمل على تأطيرها ضمن إشكال مركزيّ بقصد الإجابة عنها.

إنّ أوّل شيء يمكنني تقديمه، يُضيف يقطين، في هذا النّطاق هو أنّ هذا المفهوم جديد، ومعنى ذلك أنّنا لم نكن نستعمله في كلّ ما كنّا نشتغل به، ونبحث فيه بصور عديدة، وتحت تسميات مُختلفة تتّصل به بوجهٍ أو بآخر. وسأعمل هنا على إدراجها كلّها تحت هذا المفهوم. وأضع المفاهيم كمقابل للتجلّيات. وأرى أنّ المفاهيم وليدة الوعي بالظّاهرة، وامتلاك القدرة على فهمها وتفسيرها([4])، وهذه المفاهيم، للتوضيح تتّصل بتسمية الأشياء، ووضعها في نسق يُنظّم علاقاتها بغيرها، ويُحدّد موقعها منها. أمّا التجلّيات فهي الصّور الأوليّة الّتي تتحقّق بها الأشياء، وتتحوّل إلى ظواهر قارّة وثابتة، ولها وجودها الخاصّ واستقلالها، أو شبهه عن غيرها([5]).

وهنا يقول: إنّني أضرب مثالاً لتقريب هذه المقابلة بين المفهوم والتجلّي، ممّا هو معروف ومُتداول بيننا، إنّ التّناصّ مفهوم جديد في الدّراسة الأدبيّة الحديثة، وهو نتاج التطوّر الحاصل في اللّسانيّات وفي العلوم الأدبيّة الجديدة. وقد جاء هذا المفهوم ليُحدِّد ظاهرة نصّيّة ويبرِّرها في الوعي النّقديّ. لكن ممارسة التّناصّ أو التجلّي التّناصيّ سنجده قديمًا قدم النّصّ كيفما كان جنسه أو صورة إبداعه.

وأقول الشيء نفسه عن السّرد العربيّ، فهو قديم قدم الإنسان العربيّ. وأولى النّصوص الّتي وصلتنا عن العرب دالّة على ذلك. فقد مارس العربيّ السّرد والحكي، شأنه في ذلك شأن أيّ إنسان في أيّ مكان بأشكال وصور مُتعدّدة، وانتهى إلينا ممّا خلّفه العرب تراث مهم. لكنّ السّرد العربيّ كمفهوم جديد لم يتبلور بعد بالشّكل الملائم، ولم يتمّ الشّروع في استعماله إلاّ مؤخّرًا وبصور شتّى([6]).

ويرى يقطين أنّ المفهوم الجديد يتولّد، كيفما كان نوعه بناءً على:

  • مُقتضيات واستجابات لدوافع جديدة تستدعيه وتتطلّبه.
  • أنّه يأتي ليعوّض، أو ليتجاوز، أو يُجسّد، أو ليحلّ محلّ مفاهيم قديمة، أو استعمالات متنوّعة.
  • أنّ المفهوم الجديد وهو يأتي ليحلّ محلّ استعمالات مُتعدّدة، يتّخذ بعد المفهوم الجامع الّذي يستوعب غيره من المفاهيم، ويُكسبها دلالات جديدة، تتهيّأ لها في ضوء السّياق الّذي تولّد فيه المفهوم الجديد إذا رجعنا إلى مثال التّناصّ.       

نُعاين أنّ المفاهيم البلاغيّة العديدة الّتي وظّفها العرب مثل السّرقات، والأخذ، والاقتباس… يمكن أن يتضمّنها هذا المفهوم جميعها، ويُعطيها أبعادًا جديدة تبعًا للسّياق الّذي تشكّل في نطاقه.

وينطبق الشّيء نفسُه على مفهوم السّرد العربيّ كما أتصوّر. ذلك لأنّنا سنجد أنفسنا أمام استعمالات عديدة، قديمة وحديثة، لا رابط بينها ولا ناظم، ونجد من بين هذه الاستعمالات: الأدب القصصيّ، أدب القصّة، النّثر الفنّيّ، القصّة عند العرب، الحكايات العربيّة… وما شاكل هذا من المفاهيم. ومعنى ذلك أنّنا عندما نقول مفهومًا جديدًا، فإنّ هذا المفهوم الجديد نوظّفه ليكون مفهومًا جامعًا من جهة، وليكون دقيقًا وشاملاً من جهة أخرى (ثانية).

إنّ المفهوم الجامع يستوعب أشكالاً مُتعدّدة من الممارسات والتجلّيات النّصّيّة، ويُغطّي تسميات عديدة ألحقت بتلك الأشكال وفي مختلف الحقب، وذلك على اعتبار أنّ التسميات السّابقة كانت محدودة وضيّقة عن الشّمول، أو كانت تحكمها رؤيات خاصّة، وهذا ما جعلها غير دقيقة عكس المفهوم الجامع. إنّه يرصد الظّاهرة في كلّيتها، ويسعى إلى الإحاطة بمختلف حيثيّاتها وُملابساتها، ويغدو تبعًا لذلك قادرًا على جعلنا، في إطار توظيفه التوظيف المناسب، نفهم الظاهرة بصورة أحسن وأوضح([7]).

أمّا المفاهيم القديمة فإنّها بسبب طبيعة تشكّلها وطريقة توظيفها، تُصبح مفهومة فهمًا خاصًّا وضيّقًا، كما أنّ دلالاتها تغدو محدودة ومكرورة، بحيث لا تُسهم في إضاءة الظّاهرة، ولا تعميق النّظر إليها. وهذا حال العديد من الاستعمالات الّتي يُمكن أن نمثل لها في حينها.

وإنّنا، وإلى وقتٍ قريب جدًّا – ولِمَ لا نقول إلى الآن؟ – نتحدّث عن الرّواية، والقصّة، والمسرحيّة، ونتحدّث عنها جميعًا باعتبارها أنواعًا أدبيّة، شأنها في ذلك شأن الشّعر. ويبرز لنا ذلك بجلاء من خلال مقرّراتنا في المناهج المدرسيّة. كما أنّ أنواع المجالات التي تُحدّد الجوائز العربيّة ما تزال تعتمد التقسيم نفسَه. فهناك الشّعر من جهة، والقصّة والرّواية والمسرحيّة من جهةٍ أخرى.

إنّ هذه الأنواع، وهناك يُستعمل بصددها مفهوم الأجناس أيضًا، يتمّ التّعامل معها باعتبارها تندرج مجتمعة ضمن مفهوم واحد جامع هو الأدب. ولقد انتبه العرب المحدّثون إلى أنّ الأدب العربيّ مُتعدّد الأنواع والفنون، وظهرت دراسات وأبحاث تتناول بعض هذه الأنواع مُنفصلة أو مُتّصلة. وإنّ أغلب هذه الدّراسات تتّفق مجتمعةً على أنّ القصص أو الموروث الحكائيّ العربيّ غنيّ ومهمّ ويستدعي البحث والدّراسة. وفعلاً عندما نعود الآن إلى ما تركه العرب في هذا المضمار سنجد أنفسنا أمام تراث مهمّ. هذا التّراث أثار الانتباه إليه منذ عصر النّهضة، لكنّ ذلك لا يتناسب وما عرفه هذا اكتراث من إنتاج ضخم. لذلك لا يُمكننا إلاّ أن نقول إنّ دراسة هذا التّراث ما تزال قليلة ومحدودة. ومعنى ذلك أنّ بعض ذيول التصوّرات القديمة حول ما نُسمّيه بالسّرد العربيّ ما تزال تفرض نفسها بإلحاح. ومجمل هذا التصوّر أنّ هناك ديوانًا وحيدًا تركه العرب هو الشّعر، وما عداه من الأنواع والفنون فلا يرقى إلى الشّعر وأنّ هناك فرقًا شاسعًا ما بين التصوّر والواقع([8]).

– في التصوّر: إنّ بعض الأقوال المأثورة يكون لها تأثير سحريّ في تاريخ الأمم والشّعوب، فتحدّد صيرورة الأمّة بكاملها وتوجّه مسارها إلى وجهةٍ خاصّة، أحقابًا وأجيالاً. ومن بين الأقوال الّتي كان لها دور خاصّ في الثّقافة العربيّة نجد تلك الّتي تُقرّر أنّ الشّعر ديوان العرب. لقد فهمت هذه المقولة فهمًا حرفيًّا خاصًّا، وصارت منذ أن أطلقت في صدر الإسلام تُمارس ذلك التّأثير السّحريّ الّذي وسم الثّقافة والأدب العربيّين بسمةٍ خاصّة ظلّت تُلازمه أمدًا طويلاً من الزّمان. وبمقتضى ذلك انصبّت الأنظار على الشّعر، وانصرفت أو كادت تنصرف عمّا عداه من الخطابات الّتي أنتجها العربيّ في تاريخه الطّويل.

إنّ السّرد واحدٌ من تلك الخطابات الّتي تأثّرت سلبًا بآثار تلك المقولة، ونفوذها السّحريّ، فغدت بمنأى عن الاهتمام النّقديّ والتنظيريّ في المجهودات الّتي ترك لنا العرب من خلالها تُراثًا مهمًّا وهائلاً. وبالمقابل، وهُنا يمكن المفارقة، فقد ظلّ العرب ينتجون السّرد ويتداولون كلّ ما يتّصل به، ويندرج في إطاره من أخبار وحكايات وقصص وسِيَر([9]).   

لقد انصبّ الاهتمام على الشّعر باعتباره ديوان العرب، لكنّ ديوانًا آخر ظلّ يُزاحمه المكانة نفسَها على الصّعيد الواقعيّ، بل إنّنا نجده في أحيانٍ عديدة تبوّأ مكانةً أسمى، سواء من حيث الإنتاج أو التلقّي. نُشير هنا باقتضاب إلى المساجلات الّتي تمّت بصدد الشّعر والنّثر، والمفاضلات الّتي أُثيرت بينهما منذ القرن الثّالث الهجريّ. لكنّ المعرفة الأدبيّة القائمة على التّقليد الثّقافيّ السّائد لم توله ما يستحقّ من العناية والاهتمام. فظلّ أبدًا مجالاً مشرّعًا للإبداع وإن بقي يُقابل بالإهمال، وأحيانًا بالازدراء. وهناك أدبيّات كثيرة ومصادرات عديدة ونوادر تُحكى حول القاصّ في مُختلف المصنّفات العربيّة القديمة.

– في الواقع: رغم كلّ هذه المصادرات والنّوادر ظلّ ذلك الدّيوان (أقصد السّرد) فارضًا نفسَه، ومضمارًا أصيلاً أبدع فيه العربيّ، وعلى مدى عصورٍ طويلة، نصوصًا في مُنتهى البراعة والحسّ والجمال، ولقد وصل العديد منها إلى مستوى العالميّة، وصار إنتاجًا إنسانيّ البُعد والنّزعة، وعلى درجةٍ سامية من الإبداع الإنسانيّ الرّفيع، ونذكر هنا على سبيل المثال فقط “ألف ليلة وليلة”، أو اللّيالي العربيّة كما تُعرف بذلك في الغرب.

مفهوم السّرد عند سعيد يقطين:

ويعتبر الباحث سعيد يقطين السّرد واحدًا من القضايا والظّواهر الّتي بدأت تستأثر باهتمام الباحثين والدّارسين العرب، ويرى أنّ العرب مارسوا السّرد والحكي، شأنهم في ذلك شأن الأمم الأخرى في أيّ مكان، بأشكالٍ وصور مُتعدّدة([10])، لكنّ السّرد كمفهوم جديد، لم يتبلور بعد بالشّكل الملائم، ولم يتمّ الشّروع في استعماله إلاّ مؤخّرًا كظاهرة نقديّة، بـ”التّناصّ” كمفهوم جديد في الدّراسة الأدبيّة الحديثة، وهو نتاج – ويُقارن ظاهرة الوعي بالسّرد والتطوّر الحاصل في اللّسانيّات، وفي العلوم الأدبيّة الحديثة، جاء هذا المفهوم ليُحدّد ظاهرة نصيّة ويُبرّرها في الوعي النّقديّ([11]). لكنّ ممارسة التّناصّ، قديمة قدم النّصّ، كيفما كان جنسه أو صورة إبداعه وغير بعيد عن التصوّر الّذي عرضه بارت للسّرد، ويستعير يقطين مفهومًا للسّرد يستخلصه من مجموع القراءات في الدّراسات الغربيّة فيراه نقلاً للفعل القابل للحكي، من الغياب إلى الحضور، وجعله قابلاً للتداول، سواء أكان هذا الفعل واقعيًا أم تخييليًّا، وسواء تمّ التداول شفاهًا أو كتابة([12]). ويعتبر السّرديّات فرعًا من علم “البيوطيقا”، لكنّ خصوصيّتها جعلتها تطمح إلى السّعي لأن تكون علمًا كلّيًّا لأنّ ذلك يُمكّنها من التفتّح على السّرد عامّة، ويتّسع مجالها ليشمل الاختصاصات التّي اهتمّت بالمادّة الحكائيّة، حتّى تتجاوز الاهتمام بالخطاب، لتدرس النّصّ من حيث أنماطه المختلفة، وتفاعلاتها النّصّيّة المتعدّدة([13]). وقد يؤولُ بها ذلك إلى الانفتاح على مُختلف المناهج العلميّة، وبناءً على ما سبق يحصر سعيد يقطين تجلّياتها في:

  1. سرديّات القصّة: تهتمّ بالبنية الحكائيّة من زاوية تركيزها على ما يُحدّد حكائيّتها، ويُميّزها من الأعمال الحكائيّة الأخرى المختلفة والّتي تنضوي جميعها ضمن جنس السّرد، ولا يتجسّد أيّ عمل حكائيّ إلاّ إذا توفّرت فيه المقولات الآتية:
    1. الأفعال.
    1. الفواعل.
    1. الزّمان والمكان.

فالأفعال يقوم بها فواعل (شخصيّات) في زمان ومكان مُعيّنين.

2- سرديّات الخطاب: إذا كان الاهتمام في سرديّات القصّة مُنصّبًا على المادّة الحكائيّة، فإنّ سرديّات الخطاب تركّز على ما يُميّز بُنية حكائيّة عن أخرى من حيث الطّريقة الّتي تُقدّم بها كلّ مادّة حكائيّة، فقد تتشابه المواد الحكائيّة، لكن شكل تقديمها يختلف باختلاف الحكايات وأنواعها([14]).

ويتجلّى الفرق بين سرديّات القصّة، وسرديّات الخطاب في ما يأتي: الشّكل – المقولات – القصّة – الخطاب – الفعل – الحدث – السّرد – الفاعل – الشّخصيّة – الرّاوي.

وإنّ فعل الشّخصيّة (الحدث) في القصّة يقدّم في الخطاب من خلال فعل آخر (السّرد) الّذي يضطلع به فاعل آخر هو الرّاوي([15]). وباختلاف الفعلين وفاعليهما يختلف زمان القصّة وفضاؤهما عن زمان الخطاب وفضائه. وتمكّننا قراءة العلاقة بين القصّة والخطاب من تحليل المقولات الآتية:

أ- الزّمان: وفيه يتمّ التّمييز بين زمن القصّة وزمن الخطاب.

ب- الصّيغة: وتتّصل بالأفعال الكلاميّة الّتي تضطلع بها الشخصّيات والرّاوي؛ ذلك أنّ الشّخصيّات تقوم بالحدث، وتتبنّى ما يصدر عنها من “كلام”، شأنها في ذلك شأن الرّاوي. وإذا كان الاهتمام بالشّخصيّة في القصّة مركّزًا عليها وهي تفعل، فإنّ العناية في الخطاب توجّه إلى ما يصدر منها من كلام، بحيث يوضع كلامها إزاء فعل الرّاوي (السّرد). وهكذا تبرز لنا العلاقة بين القصّة والخطاب صيغتين أساسيّتين هما: العرض الّذي يتمّ من خلال أقوال الشّخصيّات، والسّرد الّذي يتولاّه الرّاوي([16])، وقد تضطلع به بعض الشّخصيّات وهو الموقع الّذي يحتلّه السّارد في علاقاته بالشّخصيّات، وبعالم القصّة بوجه عام، ويُعتبر vision – الرّؤية المفهوم الّذي عوّض وجهة النّظر أو المنظور في الدّراسات التي سبقت السّرديّات.

ج- السّرديّات النّصّيّة: تهتمّ بالنّصّ السّردي باعتباره بنية مجرّدة أو مُتحقّقًا من خلال جنس أو نوع سرديّ مُحدّد، وهي تُعنى به من جهة “نصيّته” بحيث يسمح لها ذلك بوضعه في نطاق البنية النّصّيّة الكبرى للنّصوص، كما أنّها تُعاين الفعل النّصّيّ من خلال الإنتاج والتلقّي، وتربط كلاًّ منهما بفاعل (الكاتب – المؤلّف) و(القارئ – السّامع) وتضعهما في زمان وفضاء معيّنين([17]).

لذا تسمح النّصوص السّرديّة الّتي تُشكّل مادّة النّقد في مشروع النّاقد سعيد يقطين بملاحظة عنايته بنصوص كانت خارج مدار الاهتمام، كما هو الحال مثلاً مع “سيرة” “سيف بن ذي يزن” أو الحكاية العجيبة، وباقي النّصوص التّراثيّة المعروفة. وقد كشف هذا المسار عن نفسه من خلال مجموعة من دراساته المبكرة ككتابه “الرّواية والتّراث السّردي: من أجل وعي جديد بالتّراث” (1992)، وبعدها “ذخيرة العجائب العربيّة: سيف بن ذي يزن” (1994) و”الكلام والخبر: مقدّمة للسّرد العربيّ” (1997) وغيرها. عن انصرافه إلى النّصّ السّرديّ القديم، وقد بيّن يقطين أنّ السّرد العربيّ غنيّ ومتنوّع، لكنّ الدّرس الأدبيّ ظلّ مشدودًا إلى الشّعر، وحتّى عندما يتمّ تناول بعض النّصوص القصصيّة كان يُنظر إليها في نطاق النّثر العربيّ، لذلك ومن خلال البحث في الرّواية، يظهر لنا أنّ تخصيص مفهوم جامع لمختلف التجلّيات القصصيّة والحكائيّة العربيّة تحت اسم “السّرد يُمكن أن يُعطي رؤية جديدة لجنس عربيّ أصيل، ساهم فيه العرب بقسط وافر. ويكفي ذكر اللّيالي العربيّة للدّلالة على ذلك.

مكانة السّرد العربيّ:    

وقد حقّق انصراف سعيد يقطين إلى السّيرة الشّعبيّة غايتين وهما: – لفت الانتباه إلى المهمل من النّصوص ومحاولة كشف سحرها، إضافةً إلى إعادة النّظر في الأجناس الأدبيّة الّتي ظلّت عندنا مُختزلة في التصوّر الأرسطيّ. وفي إطار ذلك تبيَّن أنّ السّرد العربيّ (الخبر) يحتلّ موقعًا مهمًّا في “الكلام” العربيّ، بل أعادت النّظر في الأجناس الغربيّة بالذّهاب إلى أنّ السّرد يحتلّ مكانة هامّة في الشّعر الّذي ظلّ يُنظر إليه على أنّه “غنائيّ”، وقد نجم عن ذلك إبراز الرّاوي كصوت ثقافيّ آخر كان يُزاحم الشّاعر([18]). ومن دون هذين الصّوتين في ترابطهما لا يُمكننا الحديث عن الأدب العربيّ، لذلك اعتبر “السّرد” ديوانًا آخر مارسه العرب، وهو لا يقلّ أهمّيّة عن الشّعر الّذي ظلّ يُعتبر الدّيوان الوحيد المعترف به لعدّة قرون. ولم يكن النّصّ السّرديّ القديم، هو الوجهة الوحيدة لدى يقطين، لأنّ الرّواية، أيضًا، كانت حاضرة من خلال أولى أبحاثه المنشورة الّتي سبقت اهتمامه بالتّراث: “القراءة والتّجربة… حول التّجريب في الخطاب الرّوائيّ الجديد في المغرب” (1985م)، ثمّ “انفتاح النّصّ الرّوائيّ… النّصّ والسّياق” (1989)، وغيرهما من الأبحاث والدّراسات والمقالات([19]).

وعن ذلك يقول يقطين: إنّ الرّواية العربيّة حديثة بالقياس إلى أنواعٍ أخرى سرديّة مارسها العرب منذ القدم، ولم تبدأ في فرض نفسِها لتصبح ديوان العرب الجديد إلاّ بعد أن انفتحت على السّرد العربيّ القديم، فاستفادت منه على مستوى الموضوعات والتقنيّات، وكلّما تطوّرت الدّراسات السّرديّة العربيّة بالاشتغال على النّصوص غير المتناولة، واستفاد الرّوائيّ العربيّ من المتن السّرديّ العربيّ في غناه وتنوّعه للإجادة في الرّواية وفي تميّزها.

ويرى سعيد يقطين أنّ الرّواية العربيّة الآن تشهد اهتمامًا متزايدًا من الكتّاب والنّاشرين، ويُمكن أن يُشكّل هذا الاهتمام عاملاً مطمئنًا على مُستقبلها([20]). ويُضيف أنّه من دون عمل الرّوائيّين على تطوير تجاربهم بالاستفادة من التّجارب السّرديّة العربيّة القديمة، والانفتاح على النّصوص الرّوائيّة العالميّة، وتطوّر الدّرس السّرديّ العربيّ، والتّعامل مع الواقع العربيّ بطريقةٍ ديناميّة، لا يُمكننا سوى الحديث عن تراكم كمّيّ، وإنّ التّراكم الكمّيّ الّذي تعرفه الرّواية في العديد من الأقطار العربيّة غير قادر على التحوّل إلى كيف يضع الرّواية في المقام الّذي ينبغي أن تحتلّه على المستوى العالمي. ويعزو ذلك إلى تعقّد الأوضاع والقضايا الّتي تشغل الإنسان العربيّ، “فما زال الرّوائيّ العربي غير قادرٍ على تجديد رؤيته إلى هذا الواقع وتقديمه بكيفيّة متطوّرة”، والرّواية من أقدر الأنواع السّرديّة على تطوير الوعي بالواقع العربيّ، وتمثيله بكيفيّة تستدعي التّجديد والبحث وإعادة النّظر.

علاقة النّصّ الأدبيّ بالتكنولوجيا:

وما يُلفت الانتباه في مشروع سعيد يقطين هو الانتقال في السّنوات الأخيرة إلى دراسة النّصّ الأدبيّ وعلاقته بوسائط جديدة كالحاسوب والإمكانات الّتي تقدّمها التكنولوجيا من خلال كتابيه “من النّصّ إلى النّصّ المترابط”، و”النّصّ المترابط ومستقبل الثّقافة العربيّة”.

هذا التحوّل يؤكّد أنّ السّرد موجودٌ أبدًا، وهو متعالٍ على الزّمان والمكان. لذلك بدأ بالاهتمام بالرّواية المعاصرة ومن ثمّ انتقل إلى السّرد العربيّ القديم، وظهر له ضرورة الانفتاح على سرد المستقبل الّذي يتحقّق باستخدام الوسائط المتفاعلة. وهذه المراوحة في الزّمان والوسائط تكشف لنا بجلاء أنّ الوعي بالأشكال والتقنيّات على المستوى التحليليّ مهمّ لتطوير النظريّة السّرديّة العربيّة ومن دون ذلك لا يُمكننا تطوير ممارستنا السّرديّة العربيّة يجعلها مفتوحة على التّاريخ والواقع والمستقبل عبر استثمار مُختلف الوسائط.

نشأة الرّواية:

ويلفت سعيد يقطين إلى أنّ الرّواية سليلة السّرد الشفاهيّ، ومن خلال استفادتها منه، تستثمر التّجربة السّرديّة في عمقها التّاريخيّ، كما أنّها في الوقت نفسه وفي انفتاحها على المستقبل من خلال التّعامل مع الوسائط الجديدة تطوّر إمكاناتها لتصل الماضي بالمستقبل “ألا ترى الآن العديد من التجارب السّرديّة المعاصرة تنقل عوالم الأساطير القديمة لتضعها في نطاق عوالم مستقبليّة تتّصل بغزو الفضاء، وتوظيف تكنولوجيا جديدة بدل الكائنات “الخرافيّة” العتيقة. ونحن ما نزال في روايتنا عاجزين عن تطوير عوالمنا السّرديّة الّتي تزخر بها اللّيالي والسّير الشّعبيّة وحكايات الأولياء والصّالحين، لتُصبح مجالات للاشتغال في رواية المستقبل”([21]).

تطوّر النّقد الأدبيّ:

من هُنا، لا بُدّ للدّراسات السّرديّة أن تنفتح على علامات مُتعدّدة يشتغل بها السّرد، مثل الصّورة والحركة، و”أن تكون قادرة على تحليل السّرد حيثما وجد، بغضّ النّظر عن علامات تحقّقه. ولعلّ هذا يُسهم في جعل الدراسات السّرديّة ترتبط بمختلف الإنتاجات الّتي تتضمّن السّرد مثل السّينما والمسرح وكلّ الإنتاجات التي تستعمل اللّغة إمّا من خلال الكتاب أو الحاسوب أو في الفضاء الشّبكيّ أو عبر وسائل الاتّصال الجماهيري. ومع تطوّر الوسائط تغيّر مفهوم “الأديب” والكاتب كما تغيّر مفهوم “الأدب”. ولعلّ هذا من الأسباب الّتي جعلت الدّراسات السّرديّة تتطوّر بالمقارنة مع غيرها من الدّراسات الأدبيّة. لذلك لا بدّ للنّقد أن يتطوّر بدوره ليلامس مُختلف هذه الإتّجاهات أيًّا كانت علاماتها ووسائطها، لينفتح على ما هو لغويّ وصوريّ، وأدبيّ وغير أدبيّ، وبذلك تُصبح له وظيفة جديدة تتلاءم مع تطوّر النّصوص، ومع تبدّل أشكال الإنتاج وصوره. وبذلك يُمكنه أن يلعب دورًا جديدًا في الحياة.

إلاّ أنّ بلوغ هذه الغاية في التّحديد المنهجيّ والغائيّ، يتطلّب إضاءة على مفهوم النّصّ كما يتصوّره لا كما هو سائد في التصوّرين القديم والحديث، حيث التّركيز على أنواعٍ معيّنة، وإقصاء أخرى بدعوى أنّها لا تُشكّل (نصًّا) نموذجيًّا يستجيب لمعايير نقديّة وبلاغيّة معياريّة، محدّدة سلفًا، وبالتالي يُصنّف ضمن (اللاّنصّ) وتأكيدًا لهذا المنحى وسيرًا على منهجيّة علميّة، ويقدّم يقطين دلائل على هذا التصوّر ممثّلة قديمًا بـ”البُرهان” لابن وهب، وكتاب “القصاصين والمذكرين” لإبن الجوزي، وحديثًا بـ”كتاب المغازي وأحاديث القصّاصين” لمحمّد عبده، و”الإيديولوجيّة العربيّة المعاصرة” لعبدالله العرويّ، و”تكوين العقل العربي” و”التراث والحداثة” لمحمد عابد الجابري([22]).

وكلّ التصوّرات سارت في اتّجاه إقصاء السّير الشّعبيّة واعتبارها (لا نصّاً) مستندة في ذلك إلى مبدأين مركزيّين: – الأوّل يكمن في الملائمة النّصّيّة المنطلقة من النّصّ الدّيني الّذي تُقاس عليه مشروعيّة النّصّيّة أو اللاّنصّيّة، والثّاني: يتجلّى في المنهجيّة المنطلقة من الفصل بين ما يُسمّى ثقافة عالميّة وثقافة شعبيّة حيث يتمّ استبعاد السّيرة الشّعبيّة من دائرة (النّصّ) لأنّها تقوم حسب تصوّرهم على الكذب واللاّعقل والحكي والقصّة والخرافة، ممّا يتنافى والخلفيّات التي يستندون إليها في عمليّة التّقييم للنّتاج السّرديّ المسمّى سيرة شعبيّة، والّتي لا يراها هؤلاء سوى في نتاجات مُجتزئة ونصوص مقتطعة عن سياقاتها وتقاطعاتها مع نصوص سرديّة أكبر وأشمل، شكّلت مواضيع هامّة في دراسات العرب في أواخر القرن السّابع عشر مثل: سيرة عنترة – سيف بن ذي يزن – الظّاهر بيبرس – وسيرة التّيجاني وغيرها([23]).

ويُضيف سعيد يقطين قائلاً: إنّه وإذا كانت السّيرة الشّعبيّة ونظيراتها من النّصوص العربيّة السّرديّة ظلّت مُهملة ومُلغاة من دائرة التّقليد الأدبيّ العربيّ الكلاسيكيّ، إلى بدايات القرن العشرين (محمّد عبده) وإلى عصرنا الرّاهن (الجابري – العروي…) فإنّ الغرب على النّقيض انتبه إلى قيمة هذا “اللاّنصّ”، واعتبرها “نصًّا” قيِّمًا ثمينًا يستحقّ أن تتحمّل المشاق من أجل العثور عليه. وقد أقدم البحّاثة الفرنسيّ “كالان” على إنجاز التّرجمة الكاملة للّيالي (1704-؟؟؟)([24]). وقد حظيت “سيرة عنترة” أيضًا بمكانة خاصّة في الغرب، واعتبرت مُنافسًا حقيقيًّا لليالي من حيث غِنى مضمونها وبراعة تأليفها([25]).

إلى ذلك، لم تقلّ مكانة “سيرة سيف بن ذي يزن” عن مكانة “سيرة عنترة” سواء من حيث التّرجمة أو الدّراسة، وقد سبقوا العرب إلى ذلك، وقد ظهر ذلك من خلال كون نصوص السّيرة الشّعبيّة شبه منعدمة في المكتبات العربيّة العامّة والخاصّة، وما نزال نعتبرها “لا نصًّا” برغم الدّراسات الموجودة، وأنّ أيّ باحثٍ عربيّ في السّيرة الشّعبيّة ستعترضه صعوبات جمّة، ولا سيّما إذا كان عنده همّ الإطّلاع أو البحث في أكبر عدد ممكن فيها.

من هنا فإنّ “سيرة الظّاهر بيبرس” بأجزائها الخمسين، ومجلّداتها الخمسة غير موجودة. وما هو متوفّر هو فقط مُلخّص السّيرة في مجلّد واحد، غير أنّ هذه السّيرة مترجمة إلى اللّغة الفرنسيّة بالشّكل الكامل([26]).

أمّا “سيرة سيف التّيجان” فإنّها من السّير المجهولة وغير المتناولة من قبل كلّ الّذين اهتمّوا بالسّيرة. وقد عُثر على ترجمة لها إلى الفرنسيّة من قبل د. بيرون (Dr. Perron) تحت اسم “claive des couronnes” (1812).

يتّضح لنا من خلال هذه الإشارات الدالّة أنّ “اللاّنصّ” العربيّ كثير ومُتعدّد، ورغم تغيّر بعض التصوّرات بصدده فإنّ السّمة السّائدة، عن قصد أحيانًا، وعن غير قصد في بعض الأحايين، تُبيّن لنا بما لا يدع مجالاً للشّكّ أنّ التمييز بين “النّص” الجدير بالتّداول والاهتمام، و”اللاّنصّ” الّذي يُقابل بالإهمال والتهميش ما يزال قائمًا في ممارستنا الثّقافيّة ووعينا الثّقافيّ. وإذا كان الغرب قد سبقنا إلى الاهتمام بالعديد من هذه “النّصوص”، وثمنها التّثمين المناسب لأسباب فنّيّة أو إيديولوجيّة، فإنّ تخلّفنا عن إدراك ما أدركه الغرب، من خلال اهتمامه بأنواعٍ مُعيّنة من النّصوص العربيّة – حسب رأيه – يجعلنا دائمًا عاجزين عن فهم الذّات العربيّة من خلال مُختلف تجلّياتها وأنواع إبداعها، وقاصرين عن استيعاب الذّهنيّة والشّخصيّة العربيّة بما يخدم تطلّعاتنا ورهاناتنا المستقبليّة. ويرى أنّ الغرب قد سبقنا ليس فقط إلى فهم العالم الّذي نعيش فيه، بل سبقنا أيضًا إلى فهم ذواتنا من خلال اهتمم علمائه وباحثيه بتراثنا وواقعنا.

وفي هذا السّياق يُمكن أن نجد الجذور الأولى للتّمييز بين “النّصّ” و”اللاّنصّ” في الثّقافة العربيّة في مرحلة جمع النّصّ الأكبر (القرآن الكريم). فعندما أقدم الخليفة “عثمان بن عفّان” على حرق باقي الصّحائف الّتي تضمّنت سورًا وآيات قرآنيّة، واعتمد نسخة محدّدة، كان بذلك يضع الأسس التّمييزيّة الأولى الّتي يتمّ بمقتضاها الإجماع على “نصّ” محدّد وموحّد. وكذلك كان الأمر مع الحديث النّبويّ في زمن الرّسول (ص)، وكذلك كان الأمر مع الحديث النّبويّ في زمن الرّسول (ص)، حيث أحرقت الأحاديث المجموعة خشية اختلاطها بالنّصّ القرآني، باعتباره “النّصّ الأكبر”([27]).

ومع التطوّر التّاريخيّ تمّت مراعاة ضبط النّصّ الجدير بالتقدير وإهمال غيره من النّصوص الّتي لا ترقى إلى المكانة الخاصّة بالنّصّ وذلك في تدوين الحديث والشّعر. وإنّ المعايير المعتمدة في ضبط نصّ الحديث النّبويّ، وتمييزه عن غيره من النّصوص الموضوعة (اللاّنصّ) هي نفسُها الّتي سار عليها علماء اللّغة والشّعر في ما بعد.

ويُضيف: قد ظلّ هذا التّمايز قائمًا إلى أوائل القرن الماضي حينما دخلت المطبعة وعرفت السّيرة الشّعبيّة طريقها إلى النّشر تمامًا كباقي الكتب المنتمية الثّقافة العالمة، وظلّت تستقطب جمهورًا واسعًا، إلاّ أنّ الفقهاء والعلماء ظلّوا ينتقدونه ويدينونه. ولكن هذه النّظرة، بُعيد الحرب العالميّة الثّانية، إلى السّيرة الشّعبيّة، وإلى رواتها وجمهورها، قد تغيّرت لدى فئة من الدّارسين والباحثين، وخصوصًا في مصر، وراحوا يدافعون عن “نصّيتها”، ويدعون إلى ضرورة إيلائها ما تستحقّ من العناية والاهتمام، على غرار باقي النّصوص العربيّة([28]).

خاتمة:

لقد تضاربت تصوّرات الباحثين حول موضوع النّشأة والمؤثّرات بين قائل: إنّ شكل الرّواية مستحدث لم يُعرف في تاريخ الأدب العربيّ، وإنّه غربيّ دخل إلى الأدب العربيّ، كما دخل كثير من المعطيات الثّقافيّة العربيّة، وليس ثمّة ضير في استعماله، فالأشكال لا هُويّات لها، وتتعدّد تبعًا لتعدّد الحواضن الثّقافيّة، وبين قائل: إنّ الرّواية تطوّرت عن المرويّات السّرديّة القديمة، وإنّها خطت بها على سبيل التطوّر الطبيعيّ خطوة إلى الأمام، وبين قائل: إنّها نتاج عمليّة الدّمج والتفاعل واللّقاء الّذي تمّ بين الثّقافتين العربيّة والغربيّة في النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر.

وفيما تأسّى بعضهم على غلبة العناصر الغربيّة في تحديد شكل الرّواية، وانحسار العناصر العربيّة الأصليّة، رأى آخرون أنّ وسيلة التّعبير مشاعة، وأنّ هذا الشّكل الّذي تطوّر في الغرب، وأثبت صلاحيّته، قد لاقى قبولاً لدى روّاد الرّواية العربيّة، فأخذوه دون ممانعة، فمنح هذا الشّكل شرعيّته في الأدب العربيّ الحديث.


[1]– إيلي أنطون، البناء الرّوائيّ ودلالاته عند يوسف حبشي الأشقر، ص 16.

[2]– سمر خليفة، باب السّاحة، ط (1)، دار الآداب، بيروت، 1990، ص 17. 

[3]– لاسل أيركرو منى، قواعد النقد الأدبيّ، ترجمة محمد عوض، ص 118. 

[4]– سعيد يقطين، الكلام والخبر، مقدّمة للسّرد العربيّ، المركز الثّقافي العربيّ، المغرب، 1997، ص 80.  

[5]– م. ن. 

[6]– م. ن. 

[7]– سعيد يقطين، الكلام والخبر، مقدّمة للسّرد العربيّ، المركز الثّقافي العربيّ، الدار البيضاء، المغرب، 1997، ص 81.  

[8]– سعيد يقطين، السّرد العربيّ، قضايا وإشكالات، علامات، ج 29، مجلد 8، سبتمبر 1998م، ص 121.  

[9]– سعيد يقطين، السّرد العربيّ، قضايا وإشكالات، علامات، ج 29، مجلد 8، سبتمبر 1998م، ص 121.  

[10]– م. ن.، ص 122.   

[11]– سعيد يقطين، السّرد العربيّ، قضايا وإشكالات، علامات، ج 29، مجلد 8، سبتمبر 1998م، ص 222.  

[12]– م. ن.  

[13]– م. ن.، ص 223.  

[14]– م. ن.، ص 224.

[15]– سعيد يقطين، الكلام والخبر، ص 225.   

[16]– م. ن.  

[17]– م. ن.، ص 226.   

[18]– سليمان الحقيوي، سعيد يقطين: مستقبل كتابتنا في السّرديّات القديمة، الرّباط.   

[19]– سليمان الحقيوي، سعيد يقطين: مستقبل كتابتنا في السّرديّات القديمة، الرّباط.   

[20]– سعيد يقطين، تحليل الخطاب الرّوائيّ، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء، المغرب، ص 6.    

[21]– سعيد يقطين، تحليل الخطاب الرّوائيّ، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء، المغرب، ص 7.    

[22]– عبد الرحمن بن الجوزي، القصّاصين والمذكرين، تحقيق: محمد بسيوني زغلول، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1986م.     

[23]– سعيد يقطين، إنفتاح النصّ الروائي (النصّ السياق)، المركز الثقافيّ العربيّ، المغرب، ط1، 1989م.     

[24]– ليتمان، ألف ليلة وليلة، دار الكتاب اللبناني، 1982، ص 36.     

[25]– المرائي (ناجية غافل)، سيرة عنترة في الدراسات الاستشراقيّة، مجلة التراث الشّعبي، عدد11، 1977، ص 45-60.     

[26]– جورج بوهاس وجاك باتريك، ترجمة سيرة الظاهر بيبرس، دار السندباد، باريس، 1985، (لم تكتمل بعد).    

[27]– سعيد يقطين، الكلام والخبر: مقدّمة للسّرد العربيّ، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء، المغرب، 1997، ص 76-77.     

[28]– م. ن.، ص 79.