كلمة العدد – الدكتورة هيفاء الإمام

أعزائي المتابعين لمجلة وميض الفكر….

في زمن المفاصل العظمى من تاريخنا الحاضر، يقف العالم العربي والإسلامي على مفترق بين طريقين يحدد كل منهما مصير أمة ووطن،فإما أن يرفض الإذعان ويقاوم، أو أن يقبل الاستسلام ويطبع ويضحي بكرامة أمة كان لها السبق العلمي والحضاري في تاريخ البشرية. من هنا جاء دور كل منا ليقومبمسؤوليته في خضم هذه المعمعة المقصودة لاستعباد الشعوب، فكانت افتتاحية العدد بقلم الأستاذ الدكتور محمد توفيق أبو علي تحت عنوان المثقّف الرسالي والجامع المشترك، شرح فيها مدى حاجة هذا الواقع إلى مثقّفين رساليّين، منتمين إلى فكرٍ مستنير، يخرجنا من كهوف العَتَمَة إلى فضاء العقل المتوهّج، وفي ظلّ الكلام على ما يسمّى بصفقة القرن، كانت قضية العددالثالث، تحت عنوان القدس قضية العرب المركزية وقد تكرم بالحديث عن هذه القضية الملتهبة كلٌّ من الأساتذة: الدكتور فؤاد حركي الذي قدم لنا بحثا مفصلا تحت عنوان القدس وفلسطين، عرض فيه تاريخ الوجود الإسرائيلي في أرض فلسطين منذ كانت فكرة جهنمية مدمرة حيث أعطى من لا يملك إلى من لا يستحق، إلىأن أصبحَ قيامُ ما يسمى بـ”دولة إسرائيل” الصهيونية بتخطيط غربي أوروبي واقعا شرّد شعبا مستقراآمنا واغتصب أرضه ونكل به. كما قدمت الأستاذة الدكتورة نشأت الخطيب مقالة تحت عنوان موقعية القدس في الوعي الديني الإسلامي والمسيحي وطرحت السؤال التالي: ألسنا كمسيحيين ومسلمين من نسل إبراهيم؟؟ لماذا يجب أن يقتصر نسل إبراهيم على اليهود؟؟ وذلك لتبيان موقعية القدس في الوعي الديني المسيحي والإسلامي، ففي القدس يختلط التاريخ السماوي بالتاريخ الدنيوي.. 

  وقدمت لنا الدكتورة هالة أبو حمدان مقالا مفصلا يشرح مشروعية الحق العربي في فلسطين وهو تحت عنوان القدس عاصمة فلسطين العربية فلا أحد يملك حق التصرّف بأراضي الشعوب خلافاً لحقها في تقرير مصيرها. إن فلسطين كانت دولة قائمة حسب صك الانتداب، احتلتها إسرائيل بموجب صفقة دولية آنذاك، واليوم يجري استكمال تلك الصفقة بنظام عالمي، يريد أن يعطي للكيان الصهيوني ما تبقّى من أراضي فلسطين التاريخية بما فيها القدس.

ومن باب تسليط الضوء على أهداف الأديان العليا والتي تتبنى الفكر المنفتح على كل القضايا كان اختيار العلامة السيد محمد حسين فضل الله ليكون شخصية العدد من مجلتنا هذه. لذا،قدم المستشار السياسي والإعلامي للمرجع الراحل الإعلامي هاني عبد الله نبذة بعنوان لمحات في البعد الإنساني لشخصية المرجع السيد محمد حسين فضل الله تذكر مواقف وآراء السيد الراحل وكيف كان يواجه كل التحديات ويشعر بأن المسؤؤلية الإسلامية والشرعية والإنسانية تفرض عليه أن يضاعف من جهده لإقامةِالإسلام المنير والمنفتح، فقد كان المسكونَ بالإسلام “الإسلام الحركي” كما كان يسميه. بقلم الدكتور علي رفعت مهدي تم عرض موضوع بعنوانفلسطين  في فكر وأدب  السيِّد محمد حسين فضل اللهبين الشعر والنقد حيث تظهر القراءة المتأنية لكتابات السيّد فضل الله وخطاباته، سعة اطلاعه وعمق رؤيته؛ وتجاوزه للقيود المذهبية والطائفية، وأنه طرح أفكاره في الإطار الإسلامي الرحب، بل وفي الإطار الإنساني الواسع. و شكَّلت القضية الفلسطينية بالنسبة للسيِّد فضل الله قضية إسلامية، وقضية مبدئية ومركزية ؛ وهو ما يعطيها أهمية وأولوية تتجاوز أي قضية أخرى في عالمنا المعاصر. ولذلك يقول إن “موقفنا من القضية الفلسطينية دين ندين به، وليس مجرد شعار سياسي نستهلكه اليوم لنتركه غداً”.

ولأن تاريخنا العربي حافل بالنساء الرائدات اللواتي برعن كل في مجالها،كان اختيار الأستاذة الدكتورة زاهية قدورة رائدة الحركة النسوية في لبنان كمحور لهذا العدد،حيث قدم الأستاذ الدكتور حسان حلاق مقالاً شرح فيه سيرتها العلمية والنضالية.فالدكتورة زاهية قدورة سيرة رائدة ومسيرة أمة من1920إلى 2002. لقد استطاعت أن تؤسس “مدرسة فكرية” سار عليها العديد من طلابها. وعرفانا لفضلها، حرص الدكتور حسان على تكريمها من قبل عدة مؤسسات علمية وثقافية، كما سعى لإطلاق اسمها على ثانوية في منطقة القلعة – كراكاس في رأس بيروت، وإطلاق اسمها على شارع مهم في باطن بيروت. ومن تلاميذها المميزين أيضاً الأستاذة الدكتورة نشأت الخطيب التي قدمت لنا نبذة عن مسيرتها مع الدكتورة زاهية قدورةودلالات هذه المسيرة التي حفرت عميقاً في الذاكرة الوطنية والعربية وفي وجدان كل من عايشها أو قرألها، فكانت طيلة مسيرتها في هذه الدنيا وفية لعروبتها ولإسلامها ولقوميتها، محاربة الظلم والفساد. كانت حياتها نجمة مضيئة في عصرها، ديناميكية في حركتها، فقد شكلت صورة للمرأة النموذجية لما يتطلبه عصرنا من المرأة العربية المناضلة التي لا تستكين عن العمل حتى تحقيق حلمها في أمة عربية واحدة رسالتها حضارية ترفض التحجر وتعمل على السير بخطة جريئة نحو إصلاح صورة تاريخنا وحاضرنا. وبقلم الدكتورة إيمان مرداس تم تسليط الضوء علىالشعوبية من منظور الدكتورة زاهية قدورة من خلال كتابها “الشعوبية وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول“، حيث طرحت الدكتورة زاهية قدورة الموضوع من منطلق قضية الصراع القومي بين العرب وغير العرب بطريقة موضوعية بعيدة كل البعد عن التعصب الأعمى، وعملت على استقصاء صحة المعلومات لتخرج بالبرهان والدليل إلى أهواء تلك الحركة ومراميها وغاياتها.

ولأن سيادة العرب مرهونة بتجديدهم لمشروعهم القومي ليصير حضاريا، حواريا، تفاعليا، ديمقراطيا وعلمانيا منسجما مع قيم العصر وقوانينه ومنتجاته، كان اختيار كتاب العرب والمسألة القومية في القرن الواحد والعشرين للمؤلف الدكتور ميخائيل عوض كتاب العدد.تدور محاور فصول هذا الكتاب حول السؤال المصيري التالي: هل يصير العرب أسياد القرن؟ أم يفرطون فيصيرون عبيدا إلىآخر الزمن؟ولتقديم فكرة واضحة عن فصول ومحاور وأهداف الكتاب، أجرت القاضية منى عبد الكريم مشكورة مقابلة حصرية لمجلة وميض الفكرللبحوث مع المؤلف، سلطت فيها الضوء على أهم المواضيع التي يهدفإليها في كتابه وناقشت رؤيته العلمية لكيفية تحرير الأمة التي تتمتع بكامل مواصفات النهوض، فهل تلتقط إشارات التغير الجذري في تاريخاها وتنهض؟؟

وكما أصبح معروفا تخصيصُ مجلة وميض الفكر كلَّ حقل من حقول العلم بابا يحتوي خلاصة ما تم اختياره من أبحاث أصيلة محكمة، فقد كان بحثٌ مفصّلٌ للدكتور علي زيتون فيباب اللغة العربية وآدابها عن الكناية ودورها الدلالي في نهج البلاغة، ويقومهذا البحث على نقطتين أساسيتين: الأولى محاولة نظرية لتقديم فهم محدّد للكناية ولوظيفتها في إنتاج أدبية الأدب، والثانية محاولة إجرائيّة لقراءة الكناية في «نهج البلاغة» وإبراز جمالياتها، وذلك في ضوء ما سنحصّله من فهم نظري.

وفي الباب نفسه كتبت الدكتورة فدوى نور الدين الخطيب بحثامهماً بعنوان البعد الفلسفي لمفهوم الحضارات الكاملة والإنسان الكاملفي أدب توفيق الحكيم حيث غاصت في موقف توفيق الحكيم من الحضارة المعاصرة التي لم تستطع أن تحقق حياة الإنسان الكاملة، فهي، على الرغم من تألق العقل البشري على نحو لم يسبق له نظير، تعاني من النقص المترتب على تفرد العقل، وهذا ما أدى في رأيه إلى القلق، فهو نتيجة لاختلال التعادل بين العقل والقلب، أي بين الفكر والإيمان. بقلم الدكتورة مريم عبد النبي عبد المجيد النجار (العراق) تم نشر بحث بعنوان البنية الموضوعية في الشعر الإماراتي المعاصرالغربة أُنموذجا في قصيدة (دار غربة) للشاعرة ظبية خميس،حيث أن الشعر الإماراتي تبنى توظيف مناحي الحياة المختلفة والعلائق المتعددة بين الأنا والآخر لكشف التجربة المراد تصويرها نصيا وبيان دواخل الذات ورؤيتها للكون، عبر صياغات خاصة نسبة إلى المرجعية الثقافية للشعراء واختلاف مناهج الرؤية أو الإيديولوجية أو النفسية الخاصة للشاعر عند إنتاج النص. وبقلم الدكتورة هبة الحشيمي تم تقديمدراسة نقديّة لرواية “فهرس” الراوي سنان أنطون و”فهرس” كلمة من أصل فارسي وتعني “جسد الثقافة”،وهو الكتاب الذي يجمع فيه الكتب.

وفي باب التاريخ تم تقديم بحث مفصل يدور حول عنوان الخلافات والفتن التي وقعت في صدر الإسلام حول الخلافة(الإمامة)، بقلم الدكتورة هيفاء سليمان الإمام.وتمحور البحث حول السؤال عن كيفية إغلاق باب الجدل في هذه المسألة الخلافية لنتجاوزها إلى عناصر الوحدة؟ أو على الأقل كيف نخفف من تأثيرها على الواقع الإسلامي لتبقى في دائرة جانبية أمام الدوائر الحيوية المؤلمة.

وفي باب الإعلام وعلومه كتب الدكتور خالد ممدوح العزيبحثا شاملا ناقش فيه الإعلام التركي والتغير السياسي

وكيف أفرز الإعلام التركي في تجاربه الطويلة دورا جديدا في نقد الأفكار والثقافة والسياسة بشكل كبير، وذلك تحت شمس الإعلام وتأثيراته المباشرة.

وفي باب العلوم الاجتماعية والدينية كتبت الباحثة هالة عدنان محمد التحافي عن الحركات الإسلامية المعاصرةوالتجسير إلى اللادينية لسنة: 1440هـ- 2019م.

وفي باب اللغة الإنكليزية قدمت الدكتورة جناة أيوب ورقة بحثية بعنوان:

A Silhouette of the Lebanese Educational System and the English Language in Lebanon

تحدثت فيها عن نظام التعليم في لبنان، وكيف يساعد هذا التعليم في تشكيل ثقافة المواطن اللبناني ويوفر له مهارات التفكير العليا للعيش والعمل في مجتمع متغير فيكون بارعا في التعلم طوال حياته. تهدف هذه الورقة إلى تقديم نبذة كلّ من: النظام التعليمي واللغة الإنجليزية في لبنان.